تُظهر بيانات رسمية أن نحو 30 في المئة من الأسر الكويتية تعيش بالإيجار، أو مع عائلتها الأكبر، انتظاراً لطابور الإسكان الطويل، ففي حين تشير بيانات الهيئة العامة للمعلومات المدنية إلى أن عدد العوائل الكويتية وصل إلى 313 ألفاً، تُبيّن معلومات أخرى صادرة عن الهيئة العامة للرعاية السكنية أن عدد الطلبات الإسكانية وصل إلى 91542 طلباً حتى 21 ديسمبر 2020.
ويمثل امتلاك المسكن الهم الأكبر لتلك الشريحة الواسعة من الأسر الكويتية، حيث تعيش معظمها في شقق استثمارية أو بيوت بالإيجار، منتظرة دورها في «الرعاية السكنية»، فيما تقدّر مصادر عقارية إيجارات مساكن تلك الأسر بما يتراوح بين 400 و900 دينار على حسب المساحة والإكساء والمنطقة.
ويكلف العدد الكبير من الطلبات الإسكانية الدولة شهرياً نحو 13.73 مليون دينار (150 ديناراً بدل الإيجارx 91.5 ألف طلب)، أي 164.77 مليون دينار سنوياً، الأمر الذي يشكل عبئاً كبيراً على ميزانية الدولة التي تعاني أصلاً من عجوزات متتالية.
ويرى عقاريون أن توزيع نحو 31 ألف وحدة للمستفيدين في كل من مدينة المطلاع (نحو 28 ألف أسرة) وضاحية جنوب عبدالله المبارك (3 آلاف أسرة)، يقلّص عدد الطلبات الإسكانية نحو الثلث، كما سيكون له انعكاس على المدى المتوسط على أسعار أراضي السكن الخاص التي شهدت قفزات كبيرة خلال جائحة كورونا، ناهزت في بعض المناطق الـ32 في المئة، إلى جانب انخفاض في الإيجارات قد يطول القطاعين الاستثماري والسكني اللذين يفضل الكثير من المواطنين الاستئجار فيهما.
تنفيذ أسرع
وأكدوا أن الدولة لا تزال بحاجة إلى خطوات أسرع من ناحية التنفيذ لمواكبة معدل النمو السكاني في الكويت بتطوير آليات ومصادر تمويل القروض الإسكانية، والسماح بدخول القطاع الخاص كمطوّر للمشاريع الإسكانية لتخفيف العبء عن الدولة، علماً بأن دراسة حديثة أظهرت أن مساحة الأراضي العمرانية المستغلة في الكويت لا تتعدى 8 في المئة فقط، في الوقت الذي تصطف آلاف العائلات على طابور «الرعاية السكنية».
وأفادت الدراسة الصادرة عن اتحاد العقاريين بأن مساحة الأراضي العمرانية المستغلة تصل 1445 كيلومتراً مربعاً متضمنة المساحات المشتركة بين جميع المناطق، وذلك من أصل مساحة الأراضي بجميع أنواعها في الكويت، والبالغة 18 ألف كيلومتر مربع، إذ إن الـ92 في المئة المتبقية تشمل الأراضي الزراعية وحقول النفط، وأراضي مخصصة لوزارة الدفاع، ومناطق مصنفة على أنها إستراتيجية، وأراض صحراوية فضاء.
وفي الوقت الذي يعاني فيه المواطنون من بطء في الحصول على بيت العمر، إذ مرّ على بعضهم نحو عقدين من الزمن دون أن يظفروا بالحصول على السكن الحكومي الذي بات ملاذاً وحيداً وأخيراً لهم بعد الارتفاع الجنوني وغير المعقول بأسعار الأراضي، يرى العديد من العقاريين أن حل المشكلة الإسكانية في الكويت يحتاج إلى أمرين، هما تحرير الدولة قبضتها عن الأراضي، إلى جانب إشراك القطاع الخاص في تطوير المدن الجديدة لضمان سرعة الإنجاز وعدم تحمل الكلفة بأكملها.
نموذج تمويل «الائتمان» للقسائم… غير مستدام
إضافة إلى مسألة المساحة الشاسعة غير المستغلة عمرانياً، يصطدم ملف الرعاية السكنية بعائق آخر، يتمثل في أن النموذج المتبع لتمويل تلك القسائم عبر بنك الائتمان غير مستدام.
وفيما يقدم البنك قرضاً إسكانياً بنحو 70 ألف دينار بفائدة صفرية وبفترة سداد تصل إلى 30 عاماً، فإنه لا يستطيع البنك الوفاء بالمبالغ المطلوبة لتغطية قروض القسائم الحكومية الجديدة، وهو ما بدا جليّاً في معرض رد البنك على استفسارات النائب عبدالعزيز الصقعبي، حيث بين أن قدرته الحالية لا تسمح بتمويل كل القسائم الحكومية في مشروعي مدينة المطلاع ومنطقة جنوب عبدالله المبارك السكنيتين، الأمر الذي دفع البنك أخيراً إلى المطالبة بزيادة رأسماله بواقع 750 مليون دينار لتغطية طلبات أهالي مدينة المطلاع السكنية.
ويحتاج «الائتمان» إلى ما يعادل 83.5 في المئة من التمويلات الممنوحة منه خلال 10 سنوات مضت والتي بلغت نحو 2.6 مليار دينار، أي أن التمويل المطلوب لتمويل القروض الإسكانية لـ31 ألف طلب في المطلاع وجنوب عبدالله المبارك يصل إلى 2.17 مليار دينار (70 ألفاً لكل طلب).